عمر والكيبيوتر

عمر والكيبيوتر

الخميس، 21 يناير 2010

الألوان بالقرآن


الألوان في القرآن الكريم تحمل مدلولات رمزية و أهداف جمالية أو أخلاقية

لاستخدام الألوان في القرآن الكريم دلالات بالغة الأهمية ، حيث نقرأ قفي الآيات ذكراً لأغلب الألوان المعروفة ، لما للألوان من أدوار متعددة الجوانب سواء في الأغراض الحسية أو المعنوية ، لما لها من تأثير على النفوس و ما تحمله من دلالات . على أن استخدام الألوان في القرآن الكريم ورد على نوعين ، فأحياناً يذكر اللون الصريح ، كالأبيض و الأسود و الأحمر و الأخضر مثلا ، و أحيانا ً لا يصرح بلفظه و إنما يستدل على وجود اللون من خلال الآيات حين تذكر الألفاظ ( كالصبح و الليل أو الظلمات و النور أو الجنة و النار ) و الآن لنستعرض معا دلالات الألوان التي ذكرت في القرآن الكريم · اللون الأبيض يتميز اللون الأبيض عن سائر الألوان في و وظيفته و طبيعته ، و رمزه و دلالته ، فهناك شبكة من العلاقات التي تربط بين هذا اللون و سلوك الإنسان ، و كثيراً ما نستخدم في حياتنا اليومية مثل الأيادي البيضاء و الوجه الأبيض و الراية البيضاء ، و قد استخدم القرآن هذا اللون وحده في أكثر من موضع في سياق الآيات القرآنية ، أو استخدمه مقترنا مع اللون الأسود ، لما لهذين اللونين من ارتباط شديد بين بعضهما ، فقد ذكر اللون الأبيض مفردا في سياق تحدي موسى عليه السلام لفرعون ، في أكثر من موضع ، حيث يطلب إليه إدخال يده في جيبه لتخرج بيضاء من غير سوء و هي تعتبر من المعجزات ، قال تعالى ( ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ) الشعراء 33 ، و قال تعالى ( و اضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء ) طه 22 ، وقد يكون اللون الأبيض ذا دلالة كبيرة ، إذ يستخدم في تصوير حالة من حالات العمى الذي يسببه الحزن و الكمد ، كما هو الحال في قصة يوسف عليه السلام ، قال تعالى ( وتولى عنهم و قال يا أسفي على يوسف ، و ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) ، يوسف 84 ، و النص القرآني إذ يختار اللون الأبيض لتصوير الحالة التي أصابت العين ، إنما هو بسبب ما يحمله هذا اللون من دلالة على الصمت و السكون و الإحساس بالفراغ المرافق لحالة الحزن و كظم الغيظ ، و قد وصف الله تعالى خمره أهل الجنة بالبياض أيضاً لما له من تأثير يبعث على المتعة و الجمال ، و لما يحمله اللون الأبيض من دلالة على الصفاء و النقاء فقال ( بيضاء لذة للشاربين ) ، كما ورد في سياق الحديث عن أهل الجنة ، و ما أعده الله لهم في جنات النعيم . وقد يحذف اللون و يستدل عليه من خلال التشبيه كما في قوله تعالى (كأنهن بيض مكنون ) و إذا كانت الآية تحمل في معانيها معنى الطهر و النقاء الذي يختص به الحوريات ، فهي تحمل أيضاً صفة الجمال المتمثل بالبياض الناصع.· اللون الأسود أما اللون الأسود فقد ذكر مفردا أيضا في سياق الحديث عن كراهية أهل الجاهلية للأنثى ، قال تعالى (و إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا و هو كظيم ) النحل 58 ، فكأن كظم الغيظ و الحزن و الضيق يجعل النفس سوداوية ، وهذه السوداوية تلتمس في الوجه . على أن للسواد دلالة خاصة في القرآن عندما يتصف به أولئك المشركون ، فنهايتهم سواد الوجوه و مثواهم النار ، قال تعالى ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) الزمر 60 ، و قد يستخدم اللون الأبيض في القرآن الكريم للدلالة على ظهور الفجر و اللون الأسود للتعبير عن ظلمة الليل و سواده ، قال تعالى (و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) و مما يزيد النص روعة و جمال ما يحمله اللونان من تضاد . · اللون الأخضر اللون الأخضر في الإسلام له دلالة خاصة تجعله مميزا عن باقي الألوان و مقدما عليها ، إذ هو من الألوان المحببة لأنه لون الجنة و لون الحياة و القيامة ، حيث ضرب الله مثل القيامة من اخضرار المزارع في الربيع بعد أن كانت كالموات ، وقد وعد المسلمون المتقون بالجنة ، حيث السندس و الإستبرق الأخضر و الظلال الخضر في كل أرجاء الجنة و جوانبها ، و اللون الأخضر هو اللون المفضل عند النبي صلى الله عليه و سلم . قال تعالى ( الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ) الحج 63 ، ( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شي فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ) الأنعام 99 ، و الملاحظ أن اللون الأخضر كثيرا ما يستعمل في القرآن الكريم مرتبطا برموز الموت للأرض ثم حياة الأرض بعد ذلك بتعبير اللون الأخضر . و قد ورد في سورة يوسف استعمال اللون الأخضر للتعبير عن حياة السنابل الخضر ، قال تعالى ( و قال الملك أني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ، وسبع سنبلات خضر و أخر يابسات ) . و في سورة يس نلاحظ هذا الربط القوي بين اللون الأخضر و اللون الأحمر في قوله تعالى ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ) يس 80 ، لما يحمله كل من اللونين من حيوية . و قد ذكر اللون الأخضر في أكثر من موضع عند الحديث عن المتقين و ما أعده الله لهم في الجنة ، فقال ( أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من ذهب و يلبسون ثيابا خضرا من سندس و إستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب و حسنت مرتفقا ) الكهف 31 ، فهم يلبسون ثيابا خضرا لأن الخضرة أحسن الألوان تأثيرا في النفس ، لذلك يقال ثلاثة مذهبة للحزن الماء و الخضرة و الوجه الحسن .
اللون الأحمر لم يرد ذكر هذا اللون سوى مرة واحدة في سورة فاطر ، و ذلك في سياق تقريع الكافرين الذين كذبوا رسلهم ، و تذكيرهم بنعمة ربهم ، قال تعالى ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ، و من الجبال جدد بيض و حمر مختلف ألوانها و غرابيب سود ) فاطر 27 ، و في الآية تقرير لقدرة الله و وحدانيته من خلال ذكر الجبال و ألوانها و الصخور و أنواعه . اللون الأزرق ورد هذا اللون مرة واحدة في سياق الحديث عن المتكبرين على دين الله ، قال تعالى ( يوم ينفخ في الصور و نحشر المجرمين يومئذ زرقا ) طه 102 ، و قد اختلف في تفسير الآية ، ففسرها بعضهم على أنهم يحشرون و عيونهم زرقاء و البعض الآخر على أن وجوههم زرقاء . االلون الأصفر على الرغم من أن اللون الأصفر قليل الاستعمال في الأديان و خاصة في الدين الإسلامي لأنه غير مستحب ، فقد استخدم في وصف جهنم ، الا أننا نشاهد هذا اللون يتكرر في أكثر من موضع في القرآن ، قال تعالى ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ، قال انه يقول أنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ) البقرة 69 ، و سرور الناظرين لا يتم الا أن تقع أبصارهم على حيوية و نشاط و التماع في تلك البقرة المطلوبة ، فاختيار الأصفر الفاقع هنا يزيد البقرة جمالاً ،و يبهج الناظر إليها ، و يشير المفسرين إلى أن الأصفر من الألوان السارة ، و لهذا كان علي كرم الله وجهه ، يرغب في النعال الأصفر و يقول من لبس نعلاً أصفر قل همه . أما في سورة المرسلات فقد استخدم اللون الأصفر في وصف جهنم ، قال تعالى ( إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ) المرسلات 32 ، و الملاحظ في هذه السورة أنها تعرض مشاهد لجهنم تميزها عن غيرها من السور ، و قد ذكر أيضا اللون الأصفر أيضا أكثر من مرة في سياق الحديث عن إحياء الأرض بعد موتها ، قال تعالى ألم ترى أن الله انزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ، ثم يهيج فتراه مصفراً ، ثم يجعله حطاما أن في ذلك لذكرى لأولي الألباب) الزمر 21 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق