عمر والكيبيوتر

عمر والكيبيوتر

الخميس، 21 يناير 2010

الطب الأسلامي


نشأة الطب العربي الإسلامي الطب العربي : هو كل ما كتب باللغة العربية في موضوع الطب والعلوم المتعلقة به تحت ظل الحضارة العربية الإسلامية ، بِغَضِّ النظر عن الدين أو الأصل الذي ينتمي إليه مَنْ كتب هذا العلم أو صنَّف فيه . غير أن هناك مَنْ أنكر هذه التسمية وآثر عليها تسمية الطب الإسلامي ، وهؤلاء : - إما أن يكونوا من ذوي النوايا الحسنة ، فيقعوا في أحابيل أعداء العرب والمسلمين ، ممن يروجون للفكرة الخبيثة التي تقول بوجوب تقسيم الطب الذي كتب باللغة العربية إلى طب إسلامي ، وطب مسيحي (سرياني أو قبطي) أو طب يهودي. - وإما أن يكونوا من المتعصبين لقومياتهم وأعراقهم ، فيبتغون من تسميته بالطب الإسلامي تقسيمه إلى طب فارسي ، وطب هندي ، وطب تركي ، وطب عربي . وهذه الآراء التي ابتدعها أعداء العروبة والإسلام تُخفي وراءها ما تُخفي من الغايات المضللة التي تؤدي إلى شرذمة هذا الطب الموحد الذي كتب بلغة واحدة - لغة القرآن الكريم- في ظل الحضارة العربية الإسلامية . كما تهدف إلى عزل أعلام الطب العربي الذين لا يدينون بالإسلام من يهود ونصارى وصابئة ، أو أولئك الذين لا ينحدرون من أصل عربي كالفرس والأتراك وغيرهم ، أمثال: ثابت بن قرة الحراني ، وحنين بن إسحاق العبادي ، وموسى بن ميمون اليهودي، والرازي ، وابن سينا ، وعلي بن العباس المجوسي ، وسواهم. وقد جرى التركيز كثيرًا على نشأة هذا الطب وازدهاره ، ومن ثم انتشاره ، والعوامل التي ساعدته في تلك النشأة ، وأثرت فيه وصقلته.


نشأ الطب العربي في بيئة صالحة ساعدت على نموه وتطوره وازدهاره ، وهي بلاد نعمت قبل الإسلام بحضارات عريقة مزدهرة متطورة ، ما تزال آثارها شاهدة حتى يومنا هذا على مدى التطور الحضاري العريق الذي وصلت إليه علوم ذلك الزمن ومعارفه. فقد كانت بلاد الشام مهدًا لحضارات معروفة منذ القدم ، وهي: حضارة الفينيقيين ، والكلدانيين والآشوريين والآراميين واليونانيين والرومانيين ، وحضارات أخرى لم تكتشف إلا حديثًا ؛ كحضارات أوغاريت وماري وإيبلا. كما كانت بلاد ما بين النهرين مسرحًا لحضارات كثيرة عريقة ؛ كحضارة السومريين والحيثيين والبابليين والآشوريين والكلدانيين والأكاديين والفرس . وكذلك كانت مصر صاحبة حضارة عظيمة موغلة في القدم ، هي حضارة الفراعنة واليونانيين والرومانيين والبطالسة والأقباط . وشهد اليمن حضارات مَعِين وسَبأ وحِمْيَر . كما عرفت بلاد الشمال الأفريقي والأندلس حضارات مزدهرة ؛ هي حضارة الفينيقيين واليونانيين والرومانيين والبيزنطيين . وخلاصة القول: إن الطب العربي نشأ وترعرع في تلك البيئات العريقة ، ذات الرقي الفكري المتأصل ، وتأثر بحضارات أهلها وشعوبها ، خلافًا لما يدعيه أعداء العروبة والإسلام ممن يقولون : إن العرب لم تكن لديهم دراية بالطب قبل إطلاعهم على الطب الإغريقي ، وإن البلاد العربية والإسلامية كانت أرضًا قاحلة جدبه لم تخصب إلا بعد أن رواها العلم اليوناني . مما لا شك فيه أن علوم الإغريق التي نهل منها العرب إبان نهضتهم العلمية الكبرى كانت متقدمة جدًّا، ومنظمة أحسن تنظيم ، ولكن مما لم يعد فيه أدنى ريب - أيضًا - أن هذه العلوم كانت في الأصل قد استمدت جذورها من حضارات مصر وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين. وقد أكدت الاكتشافات الأثرية مؤخرًا أن كثيرًا مما ينسب إلى اليونانيين كان قد نقل أو اقتبس - في الأصل - من المصادر الشرقية والعربية القديمة ، ودُحضت النظرية التي روج لها بعض المؤرخين الغربيين ونادوا بها طويلا ، والتي أصبحت اليوم خرافة من نسج الخيال ، وهي المعجزة اليونانية . فلقد تمكن اليونانيون من الوصول إلى الطب العربي القديم ، وعلوم بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام ، من خلال الاتصال المباشر سواء بالتجارة ، أو من خلال الزيارات التي كان يقوم بها طلاب العلم ، أو من خلال الحروب التي كان لها تأثير بيِّن في تبادل المعلومات الطبية لأهالي هذه البلاد ؛ فها هو ذا علي بن سهل الطبري (ت 875م) يشير إلى كثير من الأعمال الطبية لمؤلفين من القرن التاسع الميلادي وما قبله، فيقول في مقدمة كتابه (فردوس الحكمة) الذي كتب سنة 849م: "إنه استعان بكتب طبية ألفها أطباء سوريون ومؤلفون آخرون وبكتب أبقراط وجالينوس وأرسطو وغيرهم من الأطباء والفلاسفة". فالطب العربي لم يُخْلَق من العدم ، ولم ينمُ طفرة واحدة وبمعجزة خارقة كالمعجزة اليونانية في زمن متأخر نسبيًا ، أي في عهد العباسيين ، ولا سيما في عهد الرشيد والأمين والمأمون ، وهو ليس مجرد صورة عربية للطب الإغريقي أو الطب الهندي أو الطب الفارسي ، وإنما كان ذا جذور عميقة ، وأصول عريقة في جميع الأقطار العربية التي انتشر فيها وفي الأقطار الإسلامية المجاورة لها. وإذا كان مؤرخو العلم الغربيون والمستشرقون والمستعربون قد سبقونا إلى اكتشاف كنوز تراثنا الطبي ونشر نفائسه ، فإن مما لم يعد فيه شك أن كثيرًا من أعمال هؤلاء لم تكن نزيهة في مقاصدها ، بل كانت تشوبها شبهات وأغاليط كثيرة دُسَّتْ فيما بين السطور كما يدس السُّم في الدسم . وفي المقابل كان بعضهم أوفياء للعرب ، مخلصين لهم ، أُعجبوا بتراثهم الطبي أيما إعجاب ، فأشادوا بهم وقدروهم حق قدرهم ؛ فكان منهم منصفون صادقون اعترفوا بفضل الأطباء العرب ، ومساهمتهم الكبرى في صنع الحضارة الإنسانية ؛ من أمثال الطبيب الفرنسي لوكليرك (Leclerc) صاحب كتاب (تاريخ الطب العربي) المطبوع في باريس 187م ، ومن أمثال سارتون وديورانت وغار ودي وهونكه وسواهم . المصدر: منظمة الصحة العالمية- المكتب الإقليمي لشرق المتوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق