عمر والكيبيوتر

عمر والكيبيوتر

الخميس، 21 يناير 2010

الأداب الطبية بالتراث الطبي الأسلامي


الآداب الطبية في التراث الطبي الإسلامي
تزخر المؤلفات الطبية التراثية بالأبحاث التي تتعلق بأدب الطب وشرف الأطباء ، وقلما يخلو كتاب طبي إسلامي تراثي من ملاحظات وتوجيهات وآراء مستوحاة من مكارم الأخلاق الإسلامية ، التي تحث على الصدق والأمانة والإخلاص في العمل ، بل هنالك كتب بتكاملها قد اختصت بالآداب الطبية واقتصرت عليها.
ذكر علي بن رضوان الصفات التي يجب أن يتحلى به الطبيب الفاضل فقال:
الأولى: أن يكون تام الخلق ، صحيح الأعضاء ، حسن الذكاء ، جيد الروية ، عاقلا، ذكورًا ، خير الطبع .
الثانية: أن يكون حسن الملبس ، طيب الرائحة ، نظيف البدن والثوب .
الثالثة: أن يكون كتومًا لأسرار المرضى ، لا يبوح بشيء من أمراضهم .
الرابعة: أن تكون رغبته في إبراء المرض أكثر من رغبته فيما يلتمسه من الأجرة ، ورغبته في علاج الفقراء أكثر من رغبته في علاج الأغنياء .
الخامسة: أن يكون حريصًا على التعليم والمبالغة في منافع الناس .
السادسة: أن يكون سليم القلب ، عفيف النظر، صادق اللهجة ، لا يخطر بباله شيء من أمور النساء والأموال التي شاهدها في منازل الإعلاء، فضلا عن أن يتعرض إلى شيء منها .
السابعة: أن يكون مأمونًا ، ثقة على الأرواح والأموال ، لا يصف دواءً قتالا ولا يعلِّمه ، ولا دواءً يسقط الأجنة ، يعالج عدوه بنية صادقة كما يعالج حبيبه .
وهذه الصفات أو الخصال مأخوذة من قسم أبقراط، وناموس الأطباء لأبقراط، ووصية أبقراط التي صاغها علي بن رضوان ورتبها وأضاف عليها من أفكاره وخبرته .
وأصبحت الصيغة التي اتفق عليها الأطباء المسلمون لقسم أبقراط كما يأتي:
(( أقسم بالله العلي القدير أن أقوم بما تفرضه عليَّ مهنتي بصدق وأمانة وعطف وشفقة ، غير محجم عن الاستعانة بمشورة الزملاء عند غموض التشخيص ، وألا أستنكف عن العمل عند انتشار الأوبئة والأخطار خوفًا وجزعًا ، محافظًا على سر المهنة ، خاضعًا في كل ذلك لقوانين البلاد في ممارسة مهنتي ، والله على ما أقول شهيد)).
وقد ذكر الرازي أن من أهم الصفات التي كان يجب أن يتحلى بها الطبيب العربي المعالج : العطف والحنان والرفق بالمريض . فعلى الطبيب أن يواسي المريض ويؤمله في الشفاء ويمنيه بالتخلص من الآلام .
وفي ذلك يقول : "ينبغي للطبيب أن يوهم المريض أبدًا بالصحة ، ويزجيه بها ، وإن كان غير واثق بذلك ، فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس" .
وكان للأطباء العرب في الأندلس ابتكارات ذكية في ممارستهم الطبية تدل على كياستهم وتلطفهم بمرضاهم . فمن ذلك ما رواه ابن أبي أصيبعة في (عيون الأنباء) عن الطبيب الأندلس أبي مروان عبد الملك ابن زهر حينما عالج الخليفة عبد المؤمن بن علي الموحدي (ت 558 هـ) مؤسس دولة الموحدين.
يقول ابن أبي أصيبعة : "كان الخليفة عبد المؤمن قد احتاج إلى شرب دواء مسهل ، وكان يكره شرب الأدوية المسهلة ، فتلطف له ابن زهر في ذلك ، وأتى إلى كرمة في بستانه فجعل الماء الذي يسقيها به ماء قد أكسبه قوة أدوية مسهلة بنقعها فيه ، أو بغليانها معه . ولما تشربت الكرمة قوة الأدوية المسهلة التي أرادها ، وطلع فيها العنب ، وله تلك القوة ، أحم الخليفة ، ثم أتاه بعنقود منها وأشار عليه أن يأكل منه . وكان حسن الاعتقاد في ابن زهر، فلما أكل منه وهو ينظر إليه قال له : يكفيك يا أمير المؤمنين، فإنك قد أكلت عشر حبات من العنب ، وهي تخدمك عشرة مجالس. فاستخبره عن علة ذلك وعرفه به . ثم قام على عدد ما ذكره له ووجد الراحة فاستحسن منه فعله هذا وتزايدت منزلته عنده".
المصدر: البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية/2005

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق